The Ghost Writer
ربما لم ينتظر النقاد و هواة السينما الكثير من فيلم رومان بولانسكي الأخير هذا و ربما كان ذلك يعود الى تقدم بولانسكي بالسن و ما يعانيه من مشاكل شخصية كان أخرها احتجازه في سويسرا لمحاكمته على جريمة ارتكبها قبل أكثر من ثلاثين عاما أو بسبب الفشل النقدي الذي مني به فيلمه الأخير أوليفر تويست و لكن النتيجة كانت أن بولانسكي تمكن من تفجير مفاجئة جديدة مقدما فيلما صار واحدا من روائعه الكثيرة و وأيقونة تنتمي الى كلاسيكيات بولانسكي العظيمة على الأقل بالنسبة لي .... ببساطة اذا تجاوزنا عازف البيانو فهذا أفضل فيلم لبولانسكي منذ ثلاثين عاما
الكاتب الشبح في الفيلم ينتمي الى فئة من الكتاب هذه الفئة تكتب باسم غيرها و لا تنال حظها من التقدير و الظهور الاعلامي و هو ما كان يحتاجه رئيس الوزراء البريطاني الأسبق آدم لانغ لمساعدته على اصدار كتاب يتناول سيرة حياته ,, هذا الكتاب لا تلقى فكرته ترحيبا كما يبدو من عدة جهات تراه انه سيشكل مصدر خطر عليها و هنا يكمن محور الفيلم الذي يتناول هذا الكاتب الشبح وهو يقف على الحدود تماما فهناك رغبته بانجاز هذا الكتاب , انجاز يعني له الكثير على الصعيدين المهني و المادي و لكنه لا يريد أن تقوده هذه الرغبة لأن يتورط و يدخل في المحظور
في الحقيقة فان المشاهدة الثانية للعمل قد عنت لي الكثير وجعلتني أقدر أكثر العمل الإخراجي الممتاز لبولانسكي, احدى النقاط التي تميز سينما بولانسكي بشدة هي ولعه الكبير بالتفاصيل التي عرفت بها أفلامه , هنا سنشاهد تفاصيل تنتمي لسينما بولانسكي و لكن الرجل سيذهب أبعد من ذلك بكثير فهو لا يكتفي بابهارنا و انما يمتلك فكر و موضوع يبقى ملتزما به طوال أحداث العمل و يفرض في سبيل ذلك هالة من الهدوء و الرهبة التي تحيط بفيلمه من كل جانب
بولانسكي هنا يسهب بوصف طبيعة الحياة التي يعيشها لانغ مع زوجته وفريق معاونيه و يجعلنا فعلا نشعر أننا على مسافة قريبة جدا منه , فنحن لا نكتفي بمعرفة طبيعة المكان الذي يعيش فيه و نمط حياته و انما نعلم الى أي نوع من الرجال ينتمي وكيف يفكر و ما هي الضغوط التي يمر بها وما هي طبيعة العلاقة التي تربطه بكل من هم حوله
الأداءات في العمل كانت ممتازة و من الجميع , ايوان مكريجر لا يخيب الأمل هنا على الإطلاق هو من نوعية الممثلين المناسبين تماما ليكونوا أبطالا في فيلم لبولانسكي يتمكن من إيصال تلك الشخصية التي تشعر المشاهد بمدى ذكائها و استهتارها في أن معا لن أبالغ اذا قلت بانه أعاد لي الكثير من جاك نيكلسون الحي الصيني , باميلا ويليامز في تجسيدها لشخصية روث زوجة أدم لانغ تقدم أداءا لم أتمكن من تقديره كما يجب في المشاهدة الأولى و ذلك يعود ربما الى السرعة التي كانت تنتقل بها بين الحالات المختلفة التي تمر بها فنحن هنا أمام امرأة في حالة مفاضلة مستمرة بين طموحها السياسي و بين مشاعرها كامرأة تخان علنا من زوجها , بيرس بروسنان كان مقنعا بدرجة كبيرة في نوع من الأدوار لم نعهده به من قبل و لكن يبقى أكثر ما لفتني هو توم ويلكنسون هذا الرجل بالفعل يستمر باقناعي بأنه واحد من الممثلين المفضلين بالنسبة لي فمن خلال مشهد واحد فقط جمعه بايوان مكريجر شعرت بأنني أشاهد لعبة شطرنج تتراوح بين شد و جذب بين طرفين على درجة عالية من الذكاء كانت الغلبة فيها لويلكنسون الذي ختم المشهد بعبارة (عندما تخرج من المنزل ستكون أمام مفترق طرق أنصحك بالانعطاف يمينا فاذا سلكت طريق اليسار فانك ستضيع و لن يعرف لك أثر بعدها )
التقييم 10/10